العربية أفضل اللغات عقلاً ونقلاً عجبت أشد العجب أن تثار قضية أنه لا دليل على أن اللغة العربية
أفضل من غيرها، وعجبت ثانية من الجرأة في طرح هذا الموضوع والخوض فيه من غير المتخصصين!!
والمنهج العلمي يقتضي الإلمام بجوانب الموضوع والإحاطة بتاريخه، والوقوف على ما قيل فيه.. ولكن من تناولوا هذه القضية لم يكلفوا أنفسهم عناء البحث ولم يعطوه الوقت والجهد الكافيين.. ولكن الطرح جاء مرتجلاحاداً في الحكم، وذلك نهج بعض كتاب الأعمدة في بعض الصحف.والذي نخشاه أن تكون هذه الآراء القديمة التي جدّدها هؤلاء بطرحهم متصلة بقول من سبقهم: عاج الشّقُّي على رسم يُسائله!!
أو أن تكون هزيمة مبكرة أمام غزو شامل على قيم أمتنا ومصادر عزهاودعائم استقلالها وانتصارها!! ولربما كان من أسباب الهزيمة الإعجاب بالغير وما عنده!! وقد علّمنا فقهاؤنا أن الربا إن لم تصبه لم تسلم من غُباره!! وذلك حينما تترك لنفسك الحبل على الغارب في البيع والشراء وسائر المعاملات المادية.وإذا كانت اللغة العربية وهي لغة أمة يمتد تاريخها أكثر من أربعة عشرقرناً من الزمان، ويبلغ تعدادها أكثر من مليار مسلم كلهم ملزم بتعلم العربية بقدر ما يفهم دينه ويتلو كتاب ربه ويفهم معانيه، وهي لغة آخر
و أفضل كتاب نزل من السماء من خالق البشر كافة وقد ضمن الخالق البقاء لذلك الكتاب حتى قيام الساعة.. إذا لم تكن هذه القيم كافية لأن تكون اللغة العربية أفضل اللغات بلا استثناء فلا قيمة لأي دليلآخر!!
أما الإخوة الذين كتبوا في هذا الموضوع ممن نفوا أفضليتها فإني سائلهم عن البديل؟! وهل باستطاعة أحد أن يدّعي أن لغة أخرى يمكن أن تكون أفضل من العربية؟ وإذا كان أحدهم قد قال: (إنّ أي مقارنة بين العربية المعاصرة، وعدد من لغات العالم المعاصر، ومن بينها: الإنجليزية، والصينية، واليابانية، تحديداً سوف تقلق كثيرين عندما يعرفون أن العالم المعاصر قد يدين بالفضل لهذه اللغات ولأهلها في حين يلقون حمماً من السخريةوالازدراء للعرب وللمجتمعات العربية).
وهل المقياس في الأفضلية يا معشر الناس هي أن العالم المعاصر يدين بالفضل أو لا يدين بالفضل (الآن)!! وبهذا تكون اللغة أفضل لغة أو لا!!
والعالم ينظر إلى مصطلحات الآلة وألفاظ المتكلمين من صناعها!! وأنت تعلم أنه لو صنعها رجل آخر بلغة أخرى لفضل على الأول، ثم إن التقدم العلمي والصناعي ليس وقفاً على شعب أو بلد أو أمة وبناء على هذا من الممكن أن نقول إن أفضل لغة هذا العام اليابانية والعام الذي يليه الألمانية وبعد سنتين الصينية وهكذا تعز تلك اللغات ثم يخبو عزها ولربما تجاوزها قطار الزمن وأصبحت لغة محلية لأهلها فقط. وما حال الإنجليزية بأفضل من اللغات الثلاث التي أشرنا إليها.. واللغات الأربع وغيرها من لغات العالم ليست لغات دين أو حضارة قوية مرتبطة بقيم وأخلاق وثوابت قوية.
أما العربية فإنها لغة حضارة مرتبطة بقيم وثوابت وقبل ذلك لغة كتاب سماوي صحيح، ولغة أمة عزّت بدين الله قروناً طويلة وتملك من مصادر القوة المادية والمعنوية ما يضمن لها - بإذن الله - النصر والعزة لتستعيد مكانتها وترجع عزها.
أما الأدلة العقلية وهي ما يميل إليه ويفضله بعض الكتاب فإني أقول إنسمو اللغة العربية وسعة ألفاظها وقوة تراكيبها وقدرتها على النمو شيء شهد به غير العرب وشهادتهم مما نعتز به ونفتخر ذلك أنه ليس أقوى ولا أكد من أن (يشهد شاهد من أهلها). يقول روفائيل بتي وهو الرجل الذي يجيد تسع لغات هي (العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والهندية والآرامية والعبرية والفارسية والروسية) يقول في كتابه
The Arabes Men الصادر في سنة 1976م في نيويورك ص 48 (إنني أشهد من خبرتي الذاتية أنه ليس ثمة من بين اللغات التي أعرفها لغة تكاد تقترب من العربية سواء في طاقتها البيانية أم في قدرتهاعلى أن تخترق مستويات الفهم والإدراك، وأن تنفذ وبشكل مباشر إلىالمشاعر والأحاسيس تاركة أعمق الأثر فيها).
ويقول أنور شحتة في كتاب له عن اللغة العربية صدر عن جامعة(مينسوتا) الأمريكية عام 1969م (منذ العصور الوسطى واللغة العربية تتمتع بعالمية جعلت منها إحدى لغات العالم العظمى على نفس المستوى الذي و حظيت به كل من اليونانية واللاتينية والإنجليزية والإسبانية والروسية،
ولا يعزى هذا إلى عدد متكلميها فحسب، بل أيضا إلى المكانة التيتشغلها في التاريخ، والدور الذي لعبته فيه).
وأقوى من هذه الشهادة، وأوضح منها ما قاله المستشرق (ريتر) استاذ اللغات الشرقية بجامعة استنابول، وهو من المخضرمين أي من حاضروا فيالجامعة قبل حركة كمال أتاتورك وبعدها. يقول: (إن الطلبة قبل الانقلابكانوا يكتبون ما أملي عليهم من محاضرات بسرعة فائقة؛ لأن الخط العربياختزالي بطبعه، أما اليوم فهم يفتأون يطلبون إعادة العبارات مراراً،وهم معذورون فيما يطلبون؛ لأن الكتابة اللاتينية لا اختزال فيها..
ثم أضاف قائلاً: إن الكتابة العربية أسهل كتابات العالم، وأوضحها، فمنالعبث إجهاد النفس في ابتكار طريقة جديدة لتسهيل السهل، وتوضيح الواضح).
فهل نحتاج بعد هذا للقول بأن لغة أخرى يمكن أن تكون أفضل منالعربية وبخاصة عند المسلمين الذين أنزل إليهم قول الله تعالى
(إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)وقوله تعالى (وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًاعَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا)( 113))
سورة طه، وقول الله تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَلِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِي مُّبِينٍ}وقول الله تعالى (كِتَابٌفُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ(3)(سورة فصلت)
آمل أن نكونجميعاً ممن يعلمون ويتدبرون ويعقلون لننال فضل كتاب الله تعالى ونعتز بحقبلغته الفصحى.
أما أنّ اللغة العربية عاجزة عن وضع أسماء للمخترعات الحديثة أو أنها ليست حضارة صناعية فقد ردّ هذا حافظ إبراهيم في قوله على لسان العربية:
وسعت كتاب الله لفظاً وغاية************وما ضقت عن آي به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة**********وتنسيق أسماء لمخترعات
أنا البحر في أحشائه الدرُّ كامنٌ***********فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي
وقد أمكن تعريب أجهزة دقيقة جداً من الحاسبات والهواتفوأمكن تدريس الطب باللغة العربية وذلك حينما صحّت العزائم وتضافرت الجهود.